وبمزید من الحزن والأسى إستقبل الإمام المهدی الأیام الأخیرة من حیاة والده الکریم الذی کان یحنو علیه ویبالغ فی حبه والإهتمام به فراح الإمام المهدی وهو الصبی الصغیر الذی یعیش بعقل الکبیر الراشد یتأمل والده وهو یعانی شدة السم فی أحشائه ویتألم له وعلیه ویذرف الدموع تلو الدموع حزنا على أبیه الذی سیفتقده بعد حین.
وبینما الإمام الحسن العسکری (علیه السلام) مع خلص أصحابه یتجرع غصص الموت ذهب الإمام المهدی وله خمس سنوات آنذاک إلى العبادة والتضرع والإبتهال، فحاول الإمام العسکری أن یتناول دوائه فی إناء إلا أنه لم یقدر حتى على مثل هذا العمل البسیط فقد کانت الرعشة فی یدیه قویة جدا فبعث أحد أصحابه إلى الإمام المهدی فجاء عنده وقلبه یتوجع ألما على والده فسقاه الدواء وجلس عنده فأوصى إلیه بعض الوصایا وأعلن مرة أخرى أمام بعض الأصحاب أن إبنه هذا هو الحجة من بعده وأنه هو الإمام المنتظر، ثم فارق الحیاة وصعدت روحه الطاهرة إلى الملکوت.
وحاول جعفر بن الإمام الهادی وأخو الإمام الحسن العسکری (علیه السلام) أن یستغل الموقف وان یطرح نفسه للناس بأنه هو الإمام بعد أخیه مادام ابن أخیه صغیرا ولا یعرفه أکثر الناس، فوقف بباب الدار والشیعة من حوله یعزونه بأخیه ویهنئونه بالإمامة، ولما توجه للصلاة على جثمان الإمام وهم بالتکبیر خرج الإمام المهدی وهو صبی فجذب رداء جعفر وقال له: تأخر یا عم فأنا أحق بالصلاة على أبی!!
فاستغرب جعفر وإندهش الناس فرجع دون أن یتکلم وتقدم الإمام المهدی وصلى على أبیه ودفن إلى جانب قبر أبیه الإمام علی الهادی فی سامراء.
وکان الإمام الحسن العسکری قبل وفاته قد نصب وکیله عثمان بن سعید وکیلا لإبنه المهدی لیکون حقلة الوصل بین الإمام والشیعة ومنذ ذلک الیوم بدأت الغیبة الصغرى لمولانا المهدی سلام الله علیه وکان یتصل بالشیعة عبر وکلائه الأربعة